{ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ } أصله فاضربوا الرقاب ضرباً، ثم حذف الفعل وأقام المصدر مقامه، والمراد، اقتلوهم. ولكن عبّر عنه بضرب الرقاب، لأنه الغالب في صفة القتل { حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ } أي هزمتموهم، والإثخان أن يكثر فيهم القتل والأسر { فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ } عبارة عن الأسر { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً } المن: العتق، والفداء: فك الأسير بمال، وهما جائزان فإن مذهب مالك أن الإمام مخيّر في الأسارى بين خمسة أشياء: وهي: المن والفداء والقتل والاسترقاق وضرب الجزية. وقيل: لا يجوز المنّ ولا الفداء لأن الآية منسوخة بقوله:{ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ } [التوبة: 5] فلا يجوز على هذا إلا قتلهم. والصحيح أنها محكمة وانتصب منَّا وفِداء على المصدرية، والعامل فيهما فعلان مضمران { حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا } الأوزار في اللغة: الأثقال، فالمعنى حتى تذهب وتزول أثقالها، وهي آلاتها وقيل: الأوزار: الآثام، لأن الحرب لا بد أن يكون فيها إثم في أحد الجانبين، واختلف في الغاية المرادة هنا فقيل: حتى يسلموا جميعاً؛ فحينئذ تضع الحرب أوزارها وقيل: حتى تقتلوهم وتغلبوهم، وقيل: حتى ينزل عيسى ابن مريم: قال ابن عطية: ظاهر اللفظ أنها استعارة يراد بها التزام الأمر أبداً، كما تقول: أنا فاعل ذلك إلى يوم القيامة { ذَلِكَ } تقديره: الأمر ذلك { وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ } أو لو شاء الله لأهلك الكفار بعذاب من عنده، ولكنه تعالى أراد اختبار المؤمنين، وأن يبلو بعض الناس ببعض.