الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَٱبْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصْلَٰحاً يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيْنَهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً }

{ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا } الشقاق الشر والعداوة، وكان الأصل إن خفتم شقاق بينهما، ثم أضيف الظرف إلى الشقاق على طريق الاتساع لقوله تعالى:بَلْ مَكْرُ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ } [سبأ: 33] وأصله: مكر بالليل والنهار { فَٱبْعَثُواْ حَكَماً } الآية. ذكر تعالى الحكم في نشوز المرأة، والحكم في طاعتها، ثم ذكر هنا حالة أخرى، وهي ما إذا ساء ما بين الزوجين ولم يقدر على الإصلاح بينهما، ولا عُلم من الظالم منهما. فيبعث حكمان مسلمان لينظرا في أمرهما. وينفذ ما ظهر لهما من تطليق وخلع من غير إذن الزوج، وقال أبو حنيفة: ليس لهما الفراق إلا إن جُعل لهما، وإن اختلفا لم يلزم شيء إلا باتفاقهما ومشهور مذهب مالك: أن الحاكم هو الذي يبعث الحكمين، وقيل: يبعثهما الزوجان، وجرت عادة القضاة [في زمن المؤلف] أن يبعثوا امرأة أمينة، ولا يبعثوا حكمين، قال بعض العلماء: هذا تغيير لحكم القرآن والسنة الجارية { مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَآ } يجوز في المذهب أن يكون الحكمان من غير أهل الزوجين، والأكمل أن يكونا من أهلهما كما ذكر الله { إِن يُرِيدَآ إِصْلٰحاً يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيْنَهُمَآ } الضمير في يريدا للحكمين، وفي بينهما للزوجين على الأظهر، وقيل: الضميران للزوجين، وقيل: للحكمين.