الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } * { وَٱللاَّتِي يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي ٱلْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ ٱلْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } * { وَٱللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً }

{ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ } إشارة إلى ما تقدم من المواريث وغيرها { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } الآية: تعلق بها المعتزلة في قولهم: إن العصاة من المؤمنين يخلدون في النار، وتأولها الأشعرية على أنها في الكفار { يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ } هي هنا الزنا { مِن نِّسَآئِكُمْ } أو من المسلمات؛ لأن المسلمة تحدّ حدّ الزنا، وأما الكافر أو الكافرة فاختلف، هل يحدّ أو يعاقب؟ { فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ } قيل: إنما جعل شهداء الزنا أربعة؛ تغليظاً على المدعي وستراً على العباد، وقيل: ليكون شاهدان على كل واحد من الزانيين { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي ٱلْبُيُوتِ } كانت عقوبة الزنا الإمساك في البيوت، ثم نسخ ذلك بالأذى المذكور بعد هذا، وهو السب والتوبيخ، وقيل: الإمساك للنساء، والأذى للرجال، فلا نسخ بينهما ورجحه ابن عطية بقوله: في الإمساك من نسائكم، وفي الأذى منكم، ثم نسخ الإمساك والأذى بالرجم للمحصن وبالجلد لغير المحصن، واستقر الأمر على ذلك، وأما الجلد فمذكور في سورة النور، وأما الرجم؛ فقد كان في القرآن ثم نسخ لفظه وبقي حكمه، وقد رجم صلى الله عليه وسلم ماعزاً الأسلمي وغيره { فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ } لما أمر بالأذى للزاني أمر بالإعراض عنه إذا تاب، وهو ترك الأذى.