الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَآءَ للَّهِ وَلَوْ عَلَىۤ أَنْفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }

{ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ } أي مجتهدين في إقامة العدلشَهِدَ ٱللَّهُ } [آل عمران: 18] معناه لوجه الله ولمرضاته { وَلَوْ عَلَىۤ أَنْفُسِكُمْ } يتعلق بشهد وشهادة الإنسان على نفسه هي إقراره بالحق، ثم ذكر الوالدين والأقربين، إذ هم مظنة للتعصب والميل: فإقامة الشهادة على الأجنبيين من باب أولى وأحرى { إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً } جواب إن محذوف على الأظهر أي إن يكن المشهود عليه غنياً، فلا تمتنع من الشهادة تعظيماً له، وإن كان فقيراً فلا تمتنع من الشهادة عليه اتفاقاً فإنّ الله أولى بالغني والفقير، أي بالنظر إليهما { فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ } أن مفعول من أجله، ويحتمل أن يكون المعنى من العدل، فالتقدير إرادة أن تعدلوا بين الناس، أو من العدل، فالتقدير كراهة أن تعدلوا عن الحق { وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ } قيل: إنّ الخطاب للحكام، وقيل للشهود، واللفظ عام في الوجهين، والليّ: هو تحريف الكلام، أي تلووا عن الحكم بالعدل أو عن الشهادة بالحق، أو تعرضوا عن صاحب الحق، أو عن المشهود له بالحق، فإنّ الله يجازيكم فإنه خبير بما تعلمون، وقرئ إن { تلوا } بضم اللام من الولاية: أي إن وليتم إقامة الشهادة، أو أعرضتم عنها.