الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } * { فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } * { فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ } * { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ } * { لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ }

{ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } قد ذكرنا قصته في يونس و[الأنبياء: 87] { إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } أي هرب إلى السفينة والفلك هنا واحد والمشحون المملوء، وسبب هروبه غضبه على قومه حين لم يؤمنوا، وقيل: إنه أخبرهم أن العذاب يأتيهم في يوم معين حسبما أعلمه الله، فلما رأى قومه مخايل العذاب آمنوا، فرفع الله عنهم العذاب فخاف أن ينسبوه إلى الكذب فهرب { فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } معنى ساهم ضارب القرعة والمدحض المغلوب في القرعة والمحاجة، وسبب مقارعته أنه لما ركب السفينة، وقفت ولم تجر، فقالوا: إنما وقفت من حدث أحدثه أحدنا، فنقترع لنرى على من تخرج القرعة فنطرحه فاقترعوا فخرجت القرعة على يونس فطرحوه في البحر { فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ } أي فعل ما يلام عليه، وذلك خروجه بغير أن يأمره الله بالخروج { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ } تسبيحه هو قولهلاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [الأنبياء: 87]، حسبما حكى الله عنه في الأنبياء وقيل: هو قوله سبحانه الله وقيل: هو الصلاة، واختلف على هذا هل يعني صلاته في بطن الحوت أو قبل ذلك، واختلف في مدة بقائه في بطن الحوت فقيل: ساعة وقيل: ثلاثة أيام وقيل: سبعة أيام وقيل: أربعون يوماً { فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ } العراء الأرض الفضاء التي لا شجر فيها، ولا ظل، وقيل يعني الساحل { وَهُوَ سَقِيمٌ } روي أنه كان كالطفل المولود بضعة لحم.