الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤمۤ } * { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } * { نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ } * { مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ ٱلْفُرْقَانَ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ } * { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ } * { هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

نزل صدرها إلى نيف وثمانين آية لما قدم نصارى نجران المدينة المنوّرة يناظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيسى عليه السلام { الۤمۤ } تقدّم الكلام على حروف الهجاء وقرأ الجمهور بفتح الميم هنا في الوصل لالتقاء الساكنين نحو من الناس، وقال الزمخشري: هي حركة الهمزة نقلت إلى الميم وهذا ضعيف لأنها ألف وصل تسقط في الدرج { ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } ردّ على النصارى في قولهم إنّ عيسى هو الله لأنهم زعموا أنه صلب، فليس بحيّ وليس بقيوم { ٱلْكِتَٰبَ } هنا هو القرآن { بِٱلْحَقِّ } أي تضمن الحق من الأخبار والأحكام وغيرها أو بالاستحقاق { مُصَدِّقاً } قد تقدّم في مصدّقاً لما معكم { بَيْنَ يَدَيْهِ } الكتب المتقدّمة { ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ } أعجميان فلا يصح ما ذكره النحاة في اشتقاقهما ووزنهما { وَأَنزَلَ ٱلْفُرْقَانَ } يعني القرآن؛ وإنما كرر ذكره ليصفه بأنه الفارق بين الحق والباطل، ويحتمل أن يكون ذكره أولاً على وجه الإثبات لإنزاله لقوله: { مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ } ، ثم ذكره ثانياً: على وجه الامتنان بالهدى به، كما قال في التوراة والإنجيل { هُدًى لِّلنَّاسِ } ، فكأنه قال: وأنزل الفرقان هدى للناس ثم حذف ذلك لدلالة الهدى الأول عليه، فلما اختلف قصدُ الكلام في الموضعين لم يكن ذلك تكراراً، وقيل: الفرقان هنا؛ كل ما فرق بين الحق والباطل من كتاب وغيره، وقيل: هو الزبور، وهذا بعيد { لاَ يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ } خبر عن إحاطة علم الله بجميع الأشياء على التفصيل، وهذه صفة لم تكن لعيسى، ولا لغيره، ففي ذلك ردّ على النصارى { هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ } برهان على إثبات علم الله المذكور قبل، وفيه ردّ على النصارى؛ لأن عيسى لا يقدر على التصوير، بل كان مصوّراً كسائر بني آدم { كَيْفَ يَشَآءُ } من طول، وقصر، وحسن، وقبح، ولون؛ وغير ذلك.