الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } * { فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ }

{ وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ } أي وصل إليه وكان بئراً { يَسْقُونَ } أي يسقون مواشيهم { ٱمْرَأَتَينِ } روى أن اسمهما ليا وصفوريا، وقيل: صفيرا وصفرا { تَذُودَانِ } أي تمنعان الناس عن غنمهما، وقيل: تذودان غنمهما عن الماء حتى يسقي الناس، وهذا أظهر لقولهما: { لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ }: أي كانت عادتهما ألا يسقيا غنمهما إلا بعد الناس لقوة الناس ولضعفهما، أو لكراهتهما التزاحم مع الناس { يُصْدِرَ } بضم الياء وكسر الدال فعل متعدّ، والمفعول محذوف تقديره حتى يصدر الرعاء مواشيهم، وقرأ أبو عمرو وابن عامر: يُصْدِرَ بفتح الياء وضم الدال أي ينصرفون عن الماء { وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } أي لا يستطيع أن يباشر سقي غنمه، وهذا الشيخ هو شعيب عليه السلام في قول الجمهور، وقيل: ابن أخيه، وقيل: رجل صالح ليس من شعيب بنسب { فَسَقَىٰ لَهُمَا } أي أدركته شفقته عليهما فسقى غنمهما وروي أنه كان على فم البئر صخرة لا يرفعها إلا ثلاثون رجلاً فرفعها وحده { تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظِّلِّ } أي جلس في الظل، وروي أنه كان ظل سَمُرَة { إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } طلب من الله ما يأكله وكان قد اشتدّ عليه الجوع.