الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّىٰ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يٰمُوسَىٰ لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوۤءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ }

{ وَأَلْقِ عَصَاكَ } هذه الجملة معطوفة على قوله: { بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ } ، لأن المعنى يؤدي إلى أن: { بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ } ، وأن { وَأَلْقِ عَصَاكَ } وكلاهما تفسير للنداء { كَأَنَّهَا جَآنٌّ } الجان: الحية، وقيل: الحية الصغيرة، وعلى هذا يشكل قوله:فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ } [الأعراف: 107، الشعراء: 32]، والجواب أنها ثعبان في جِرْمها، جانٌ في سرعة حركتها { وَلَمْ يُعَقِّبْ } لم يرجع أو لم يلتفت { إِلاَّ مَن ظَلَمَ } استثناء منقطع تقديره: لكن من ظلم من سائر الناس، لا من المرسلين، وقيل: إنه متصل على القول بتجويز الذنوب عليهم، وهذا بعيد؛ لأن الصحيح عصمتهم من الذنوب، وأيضاً فإن تسميتهم ظالمين شنيع على القول بتجويز الذنوب عليهم { بَدَّلَ حُسْناً } أي عمل صالحاً { فِي جَيْبِكَ } ذكر في [طه: 22] { فِي تِسْعِ آيَاتٍ } متصل بقوله: ألق وأدخل، تقديره: نيسر لك ذلك في جملة تسع آيات، وقد ذكرت الآيات التسع في [الإسراء: 101] { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } متعلق بفعل محذوف يقتضيه الكلام تقديره: اذهب بالآيات التسع إلى فرعون { مُبْصِرَةً } أي ظاهرة واضحة الدلالة، وأسند الإبصار لها مجازاً، وهو في الحقيقة لمتأملها { وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ } يعني أنهم جحدوا بها مع أنهم تيقنوا أنها الحق فكفرهم عناد، ولذلك قال فيه: { ظُلْماً }. والواو فيه واو الحال، وأضمرت بعدها قد عَلَوْا يعني تكبروا.