{ تَرَاءَى ٱلْجَمْعَانِ } وزن تراء تفاعل، وهو منصوب من [الرؤية]، والجمعان جمع موسى وجمع فرعون، أي رأى بعضهم بعضاً { فَٱنفَلَقَ } تقدير الكلام فضرب موسى البحر فانفلق { كُلُّ فِرْقٍ } أي كل جزء منه والطود الجبل، ورُوي أنه صار في البحر اثنا عشر طريقاً، لكل سبط من بني إسرائيل طريق { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ ٱلآخَرِينَ } يعني بالآخرين فرعون وقومه، ومعنى { أَزْلَفْنَا }: قربناهم من البحر ليغرقوا، وثم هنا ظرف يراد به حيث انفلق البحر وهو بحر القلزم [الأحمر] { مَا تَعْبُدُونَ } إنما سألهم مع علمه بأنهم يعبدون الأصنام ليبين لهم أن ما يعبدونه ليس بشيء، ويقيم عليهم الحجة { قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً } إن قيل: لم صرحوا بقولهم نعبد، مع أن السؤال وهو قوله: { مَا تَعْبُدُونَ } يغني عن التصريح بذلك، وقياس مثل هذا الاستغناء بدلالة السؤال كقوله:{ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ } [النحل: 30] قالوا:{ خَيْراً } [النحل: 30]، فالجواب أنهم صرحوا بذلك على وجه الافتخار والابتهاج بعبادة الأصنام، ثم زادوا قولهم: { فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ } مبالغة في ذلك { بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا } اعتراف بالتقليد المحض { إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } استثناء منقطع وقيل: متصل لأن في آبائهم من عبد الله تعالى: { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } أسند المرض إلى نفسه وأسند الشفاء إلى الله تأدباً مع الله.