الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ } * { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَـاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلأَبْصَارُ } * { لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

{ فِي بُيُوتٍ } يعني المساجد، وقيل: بيوت أهل الإيمان من مساجد أو مساكن، والأول أصح، والجار يتعلق بما قبله: أي كمشكاة في بيوت، أو توقد في بيوت، وقيل: بما بعده وهو يسبح، وكرر الجارّ بعد ذلك تأكيداً، وقيل: بمحذوف: أي سبحوا { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ } ، والمراد بالإذن الأمر، ورفعها بناؤها، وقيل: تعظيمها { بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ } أي غدوة وعشية وقيل: أراد الصبح والعصر وقيل: صلاة الضحى والعصر { رِجَالٌ } فاعل { يُسَبِّحُ } على القراءة بكسر الباء، وأما على القراءة بالفتح فهو مرفوع بفعل مضمر يدل عليه الأول { لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } أي لا تشغلهم، ونزلت الآية في أهل الأسواق الذين إذا سمعوا النداء بالصلاة تركوا كل شغل وبادروا إليها، والبيع من التجارة، ولكنه خصه بالذكر تجريداً كقوله:فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } [الرحمٰن: 68]، أو أراد بالتجارة الشراء { تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلأَبْصَارُ } أي تضطرب من شدة الهول والخوف، وقيل: تفقه القلوب وتبصر الأبصار بعد العمى، لأن الحقائق تنكشف حينئذ، والأول أصح كقوله:وَإِذْ زَاغَتِ ٱلأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ } [الأحزاب: 10]، وفي قوله { تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ } تجنيس { لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ } متعلق بما قبله، أو بفعل من معنى ما قبله { أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ } تقديره جزاء أحسن ما عملوا { وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ } يعني زيادة على ثواب أعمالهم { بِغَيْرِ حِسَابٍ } ذكر في البقرة.