الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَـٰذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذٰلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِٱلْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } * { لاَ تَجْأَرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِّنَّا لاَ تُنصَرُونَ } * { قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ }

{ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَـٰذَا } أي في غفلة من الدين بجملته ومن القرآن، وقيل: من الكتاب المذكور، وقيل: من الأعمال التي وصف بها المؤمنون { وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذٰلِكَ } أي لهم أعمال سيئة دون الغمرة التي هم فيها، فالمعنى أنهم يجمعون بين الكفر وسوء الأعمال، والإشارة بذلك على هذا إلى الغمرة، وإنما أشار إليها بالتأكيد لأنها في معنى الكفر، وقيل: الإشارة إلى قوله من هذا: أي لهم أعمال سيئة غير المشار إليها حسبما اختلف فيه { هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } قيل: هي إخبار عن أعمالهم في الحال، وقيل: عن الاستقبال، وقيل: المعنى أنهم يتمادون على عملها حتى يأخذهم الله فجعل. { حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ } غاية لقوله { عَامِلُونَ } { مُتْرَفِيهِمْ } أي أغنياؤهم وكبراؤهم { إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } أي يستغيثون ويصيحون فإن أراد بالعذاب قتل المترفين يوم بدر: فالضمير في يجأرون لسائر قريش: أي صاحوا وناحوا على القتلى، وإن أراد بالعذاب شدائد الدنيا أو عذاب الآخرة: فالضمير لجميعهم { لاَ تَجْأَرُواْ ٱلْيَوْمَ } تقديره: يقال لهم يوم العذاب: لا تجأروا ويحتمل أن يكون هذا القول حقيقة، وأن يكون بلسان الحال ولفظه نهي، ومعناه: أن الجؤار لا ينفعهم { عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ } أي ترجعون إلى وراء وذلك عبارة عن إعراضهم عن الآيات وهي القرآن.