{ وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ } يحتمل أن يريد جهاد الكفار، أو جهاد النفس والشيطان أو الهوى، أو العموم في ذلك { حَقَّ جِهَادِهِ } قيل: إنه منسوخ كنسخ حق تقاته بقوله:{ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } [الأنفال: 60، التغابن: 16] وفي ذلك نظر، وإنما أضاف الجهاد إلى الله ليبين بذلك فضله واختصاصه بالله { ٱجْتَبَاكُمْ } أي اختاركم من بين الأمم { مِنْ حَرَجٍ } أي مشقة، وأصل الحرج الضيق { مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ } انتصب ملة بفعل مضمر تقديره: أعني بالدين ملة إبراهيم أو التزموا ملة إبراهيم وقال الفراء: انتصب على تقدير حذف الكاف كأنه قال كملة، وقال الزمخشري: انتصب بمضمون ما تقدم: كأنه قال: وسع عليكم توسعة ملة أبيكم إبراهيم، ثم حذف المضاف، فإن قيل: لم يكن إبراهيم أبا للمسلمين كلهم، فالجواب: أنه كان أباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أباً لأمته لأن أمة الرسول في حكم أولاده، ولذلك قرىء{ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } [الأحزاب: 6]، " وهو أب لهم " وأيضاً فإن قريشاً وأكثر العرب من ذرية إبراهيم، وهم أكثر الأمة فاعتبرهم دون غيرهم { هُوَ سَمَّاكُمُ } الضمير لله تعالى، ومعنى { مِن قَبْلُ } من الكتب المتقدمة. وفي هذا أي في القرآن، وقيل الضمير لإبراهيم والإشارة إلى قوله: ومن ذريتنا أمة مسلمة لك، ومعنى من قبل على هذا: من قبل وجودكم، وهنا يتم الكلام على هذا القول ويكون قوله { وَفِي هَـٰذَا } مستأنفاً: أي وفي هذا البلاغ، والقول الأول أرجح وأقل تكلفاً، ويدل عليه قراءة أبي بن كعب: الله سماكم المسلمين { شَهِيداً عَلَيْكُمْ } تقدم معنى هذه الشهادة في البقرة { فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } الظاهر أنها المكتوبة لاقترانها مع الزكاة { هُوَ مَوْلاَكُمْ } معناه هنا: وليكم وناصركم؛ بدلالة ما بعد ذلك.