الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ } * { وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ } * { وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ فَأمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } * { فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ } * { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ }

{ وَإِن يُكَذِّبُوكَ } الآية ضمير الفاعل لقريش، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم على وجه التسلية له والوعيد لهم { نَكِيرِ } مصدر بمعنى الإنكار { عَلَىٰ عُرُوشِهَا } العروش السقف فإن تعلق الجار بخاوية: فالمعنى أن العروش سقطت ثم سقطت الحيطان عليها فهي فوقها، وإن كان الجار والمجرور في موضع الحال: فالمعنى أنها خاوية مع بقاء عروشها { وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ } أي لا يُسقى الماء منها لهلاك أهلها، ورُوي أن هذا البئر هي الرس، وكانت (بعدن) لأمة من بقايا ثمود، والأظهر أنه لم يرد التعيين، لقوله: { فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ } وهذا اللفظ يراد به التكثير { وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ } أي مبنى بالشيد وهو الجص، وقيل: المشيد المرفوع البنيان { قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ } دليل على أن العقل في القلب، خلافاً للفلاسفة في قولهم: العقل في الدماغ { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ } أي لا تعمى الأبصار عمى يعتد به، وإنما العمى الذي يعتد به عمى القلوب، وإن هؤلاء القوم ما عميت أبصارهم ولكن عميت قلوبهم، فالمعنى الأول لقصد المبالغة، والثاني خاص بهؤلاء القوم { ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ } مبالغة كقوله:يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم } [آل عمران: 167].