الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوۤاْ إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّالِمُونَ } * { ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ }

{ فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ } أي رجعوا إليها بالفكرة والنظر، أو رجعوا إليها بالملامة { فَقَالُوۤاْ إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّالِمُونَ } أي الظالمون لأنفسكم؛ في عبادتكم ما لا ينطق ولا يقدر على شيء أو الظالمون لإبراهيم في قولكم عنهإِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [الأنبياء: 59]، وفي تعنيفه على أعين الناس { ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ } استعارة لانقلابهم برجوعهم عن الاعتراف بالحق إلى الباطل والمعاندة فقالوا: { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ } أي فكيف تأمرنا بسؤالهم فهم قد اعترفوا بأنهم لا ينطقون، وهم مع ذلك يعبدونهم فهذه غاية الضلال في فعلهم، وغاية المكابرة والمعاندة في جدالهم، ويحتمل أن يكون نكسوا على رؤوسهم بمعنى رجوعهم من المجادلة إلى الانقطاع؛ فإن قولهم { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ }: اعتراف يلزم منه أنهم مغلوبون بالحجة، ويحتمل على هذا أن يكون نكسوا على رؤوسهم حقيقة: أي أطرقوا من الخجل لما قامت عليهم الحجة.