الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } * { لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ } * { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } * { يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ }

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } سبقت أي: قُضيت في الأزل، والحسنى السعادة، ونزلت الآية لما اعترض ابن الزبعرى على قوله:إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } [الأنبياء: 98]، فقال: إن عيسى وعزير والملائكة قد عُبدوا؛ فالمعنى إخراج هؤلاء من ذلك الوعيد، واللفظ مع ذلك على عمومه في كل من سبقت له السعادة { حَسِيسَهَا } أي صوتها { ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ } أهوال القيامة على الجملة، وقيل ذبح الموت وقيل: النفخة الأولى في الصور لقوله:فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ } [النمل: 87] { كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ } السجل الصحيفة والكتاب مصدر: أي كما يطوي السجل ليكتب فيه، أو ليصان الكتاب الذي فيه، وقيل: السجل رجل كاتب وهذا ضعيف، وقيل: هو ملك في السماء الثانية: ترفع إليه الأعمال، وهذا أيضاً ضعيف { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } أي كما قدرنا على البداءة نقدر على الإعادة، فهو كقوله:قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [يسۤ: 79]، وقيل: المعنى نعيدهم على الصورة التي بدأناهم كما جاء في الحديث: " يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً " ثم قرأ: { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } ، والكاف متعلقة بقوله بقوله { نُّعِيدُهُ } { فَاعِلِينَ } تأكيداً لوقوع البعث.