الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ جَآءَكُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ } * { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ }

{ بِٱلْبَيِّنَٰتِ } يعني المعجزات: كالعصا، وفلق البحر، وغير ذلك { ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ } ذكر هنا على وجه ألزم لهم، والإبطال بقولهم: { نُؤْمِنُ بِمَآ أُنْزِلَ عَلَيْنَا } وكذلك رفع الطور، وذكر قبل هذا على وجه تعداد النعم لقوله:ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم } [البقرة: 52]...فَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } [البقرة: 64] وعطفه بثم في الموضعين إشارة إلى قبح ما فعلوه من ذلك { مِن بَعْدِهِ } الضمير لموسى عليه السلام: أي من بعد غيبته في مناجاة الله على جبل الطور { سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا } أي: سمعنا قولك وعصينا أمرك، ويحتمل أن يكونوا قالوه بلسان المقال، أو بلسان الحال { وَأُشْرِبُواْ } عبارة عن تمكن حب العجل في قلوبهم، فهو مجاز، تشبيهاً بشرب الماء، أو بشرب الصبغ في الثوب وفي الكلام محذوف أي أشربوا حب العجل وقيل: إن موسى برد العجل بالمبرد ورمى برادته في الماء فشربوه، فالشرب على هذا حقيقة، ويردّ هذا قوله: في قلوبهم { بِكُفْرِهِمْ } الباء سببية للتعليل، أو بمعنى المصابة { يَأْمُرُكُمْ } إسناد الأمر إلى إيمانهم، فهو مجاز على وجه التهكم، فهو كقولهم:أَصَلَٰوتُكَ تَأْمُرُكَ } [هود: 87] كذلك إضافة الإيمان إليهم.