الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ وَٰعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَٰلِمُونَ } * { ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَٱلْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } * { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

{ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً } هي شهر ذي القعدة وعشر ذي الحجة، وإنما خصّ الليالي بالذكر لأنّ العام بها، والأيام تابعة لها، والمراد أربعين ليلة بأيامها { ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ } اتخذتموه إلهاً، فحذف لدلالة المعنى { مِن بَعْدِهِ } أي بعد غيبته في الطور { ٱلْكِتَٰبَ } هنا التوراة { وَٱلْفُرْقَانَ } أي المفرق بين الحق والباطل، وهو صفة للتوراة، عطف عليها لاختلاف اللفظ، وقيل الفرقان هنا فرق البحر، وقيل آتينا موسى التوراة وآتينا محمداً الفرقان، وهذا بعيد لما فيه من الحذف من غير دليل عليه { فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } أي يقتل بعضكم بعضاً كقوله:سَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } [النور: 61] ، وروي أنّ الظلام ألقي عليهم فقتل بعضهم بعضاً، حتى بلغ القتلى سبعون ألفاً فعفى الله عنهم. وإنما خص هنا اسم الباري لأنّ فيه توبيخاً للذين عبدوا العجل كأنه يقول كيف عبدتم غير الذي برأكم، ومعنى الباري: الخالق { فَتَابَ عَلَيْكُمْ } قبله محذوف لدلالة الكلام عليه، وهو فحوى الخطاب، أي: ففعلتم ما أمرتم به من القتل فتاب عليكم.