{ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ }: جنس وهو أربعة أشهر: رجب، وذو القعدة وذو الحجة، والمحرم { قِتَالٍ فِيهِ } بدل من الشهر وهو مقصود السؤال { قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ } أي ممنوع ثم نسخه: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، وذلك بعيد فإن حيث وجدتموهم عموم في الأمكنة لا في الأزمنة، ويظهر أن ناسخه{ وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً } [التوبة: 36] بعد ذكر الأشهر الحرم، فكان التقدير: قاتلوا فيها، ويدل عليه:{ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } [التوبة: 36]، ويحتمل أن يكون المراد وقوع القتال في الشهر الحرام: أي إباحته حسبما استقر في الشرع، فلا تكون الآية منسوخة، بل ناسخة لما كان في أوّل الإسلام، ومن تحريم القتال في الأشهر الحرم { وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } ابتداء، وما بعده معطوف عليه، و { أَكْبَرُ عِندَ ٱللَّهِ } خبر الجميع، أي أن هذه الأفعال القبيحة التي فعلها الكفار: أعظم عند الله من القتال في الشهر الحرام الذي عَيَّر به الكفار المسلمين سرية عبد الله بن جحش، حين قاتل في أوّل يوم من رجب، وقد قيل: إنه ظن أنه آخر يوم من جمادى { بِهِ } عطف على سبيل الله { حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ } قال الزمخشري: حتى هنا للتعليل { فَأُوْلۤـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَٰلُهُمْ } ذهب مالك على أن المرتد يحبط عمله بنفس الارتداد، سواء رجع إلى الإسلام، أو مات على الارتداد. ومن ذلك انتقاض وضوئه، وبطلان صومه، وذهب الشافعي إلى أنه: لا يحبط إلاّ إن مات كافراً؛ لقوله: { فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ } ، وأجاب المالكية بقوله حبطت أعمالهم جزاء على الردة، وقوله: { وَأُوْلۤـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا } جزاء على الموت على الكفر، وفي ذلك نظر.