الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَٱلْفَحْشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } * { وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ }

{ بِٱلسُّوۤءِ وَٱلْفَحْشَآءِ } المعاصي { وَأَن تَقُولُواْ } الإشراك وتحريم الحلال كالبَحِيرة وغير ذلك { أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ } رداً على قولهم: بل نتبع... الآية، في كفار العرب. وقيل في اليهود: أنهم يتبعونهم ولو كانوا { لاَ يَعْقِلُونَ } فدخلت همزة الإنكار على واو الحال { وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الآية: في معناها قولان: الأول تشبيه الذين كفروا بالبهائم؛ لقلة فهمهم وعدم استجابتهم لمن يدعوهم، ولا بد في هذا من محذوف، وفيه وجهان: أحدهما: أن يكون المحذوف أوّل الآية والتقدير: مثل داعي الذين كفروا إلى الإيمان { كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنْعِقُ } أي يصيح { بِمَا لاَ يَسْمَعُ } وهي البهائم التي لا تسمع { إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً } ولا يعقل معنى، والآخر: أن يكون المحذوف بعد ذلك، والتقدير: مثل الذين كفروا كمثل مَدْعُوِّ الذي ينعق. ويكون دعاء ونداء على الوجهين مفعولاً: يسمع والنعيق: هو زجر الغنم، والصياح عليها، فعلى هذا القول شبه الكفار بالغنم وداعيهم بالذي يزجرها وهو يصيح عليها، الثاني: تشبيه الذين كفروا في دعائهم، وعبادتهم لأصنامهم بمن ينعق بما لا يسمع، لأن الأصنام لا تسمع شيئاً، ويكون دعاء ونداء على هذا منعطف: أي أن الداعي يتعب نفسه بالدعاء أو النداء لمن لم يسمعه من غير فائدة، فعلى هذا شبه الكفار بالنعق { صُمٌّ } وما بعده راجع إلى الكفار وذلك غير التآويل الأول ورفعوا على إضمار مبتدأ.