الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنِّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِيَ مِن وَرَآءِى وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً } * { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً } * { يٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ ٱسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً } * { قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ ٱلْكِبَرِ عِتِيّاً } * { قَالَ كَذٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً } * { قَالَ رَبِّ ٱجْعَل لِيۤ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً } * { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ ٱلْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً } * { يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً } * { وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً }

{ وَإِنِّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِىَ } يعني: الأقارب قيل: خاف أن يرثوه دون نسله، وقيل: خاف أن يضيعوا الدين من بعده { مِن وَرَآءِى } أي من بعدي { عَاقِراً } أي عقيماً { فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً } يعني وارثاً يرثني، قيل: يعني وراثة المال، وقيل: وراثة العلم والنبوة وهو أرجح لقوله صلى الله عليه وسلم: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث " وكذلك { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ } العلم والنبوة، وقيل: الملك، ويعقوب هنا هو يعقوب بن إسحاق على الأصح { رَضِيّاً } أي مرضياً فهو فعيل: بمعنى مفعول { سَمِيّاً } يعني من سُمي باسمه، وقيل: مثيلاً ونظيراً، والأول أحسن هنا { أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٌ } تعجب واستبعاد أن يكون له ولد مع شيخوخته وعقم امرأته، فسأل ذلك أولاً لعلمه بقدرة الله عليه، وتعجب منه لأنه نادر في العادة، وقيل: سـأله وهو في سنّ من يرجوه، وأجيب بعد ذلك بسنين وهو قد شاخ { عِتِيّاً } قيل: يبساً في الأعضاء والمفاصل، وقيل: مبالغة في الكبر { كَذٰلِكَ } الكاف في موضع رفع، أي الأمر كذلك، تصديقاً له فيما ذكر من كبره وعقم امرأته، وعلى هذا يوقف على قوله. كذلك. ثم يبتدأ: قال ربك، وقيل: إن الكاف في موضع نصب بقال، وذلك إشارة إلى مبهم يفسره: هو عليّ هين { ٱجْعَل لِيۤ آيَةً } أي علامة على حمل امرأته { سَوِيّاً } أي سليماً غير أخرس، وانتصابه على الحال من الضمير في تكلم، والمعنى أنه لا يكلم الناس مع أنه سليم من الخرس، وقيل: إن سوياً يرجع إلى الليالي أي مستويات { فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ } أي أشار، وقيل: كتب في التراب إذ كان لا يقدر على الكلام { أَن سَبِّحُواْ } قيل: معناه صلوا، والسبحة في اللغة الصلاة، وقيل: قولوا سبحان الله { يٰيَحْيَىٰ } التقدير قال الله ليحيى بعد ولادته: { خُذِ ٱلْكِتَٰبَ } يعني التوراة { بِقُوَّةٍ } أي في العلم به والعمل به { وَآتَيْنَٰهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً } قيل: الحكم، معرفة الأحكام، وقيل: الحكمة، وقيل: النبوة { وَحَنَاناً } قيل: معناه رحمة وقال ابن عباس: لا أدري ما الحنان { وَزَكَٰوةً } أي طهارة، وقيل، ثناء كما يزكى الشاهد.