الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً } * { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يٰأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً } * { يٰأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَآءَنِي مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَٱتَّبِعْنِيۤ أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً } * { يٰأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ ٱلشَّيْطَانَ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ عَصِيّاً } * { يٰأَبَتِ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً } * { قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يٰإِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَٱهْجُرْنِي مَلِيّاً } * { قَالَ سَلاَمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً }

{ صِدِّيقاً } بناء مبالغة من الصدق أو من التصديق، ووصفه بأنه صدّيق قبل الوحي نُبِّئ بعده، ويحتمل أنه جمع الوصفين { مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ } يعني الأصنام { صِرَٰطاً سَوِيّاً } أي قويما { لأَرْجُمَنَّكَ } قيل: يعني الرجم بالحجارة وقيل: الشتم { وَٱهْجُرْنِي مَلِيّاً } أي حيناً طويلاً، وعطف اهجرني على محذوف تقديره احذر رجمي لك { قَالَ سَلَٰمٌ عَلَيْكَ } وداع مفارقة، وقيل: مسالمة لا تحية لأن ابتداء الكافر بالسلام لا يجوز { سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ } وعد، وهو الذي أشير إليه بقوله: عن موعدة وعدها إياه قال ابن عطية، معناه: سأدعو الله أن يهديك فيغفر لك بإيمانك، وذلك لأن الاستغفار للكافر لا يجوز، وقيل: وعده أن يستغفر له مع كفره، ولعله كان لم يعلم أن الله لا يغفر للكفار حتى أعلمه بذلك، ويقوي هذا القول قوله:وَٱغْفِرْ لأَبِيۤ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ } [الشعراء: 86]، ومثل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب: لأستغفرن لك ما لم أنه عنك { حَفِيّاً } أي باراً متلطفاً.