الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } * { قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً }

{ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ } قيل: هي أنطاكية، وقيل برقة.

وقال أبو هريرة وغيره: هي بالأندلس ويذكر أنها الجزيرة الخضراء وذلك على قول أن مجمع البحرين عند طنجة وسبتة { ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا } أي طلبا منهم طعاماً { جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ } أن يسقط وإسناده الإرادة إلى الجدار مجاز، ومثل ذلك كثير في كلام العرب، وحقيقته أنه قارب أن ينقضّ ووزن ينقضّ ينفعل وقيل: يفعلّ بالتشديد كيحمرّ { فَأَقَامَهُ } قيل: إنه هدمه ثم بناه وقيل مسحه بيده وأقامه فقام { لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } أي قال موسى للخضر: لو شئت لاتخذت عليه أجراً أي طعاماً نأكله { قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ } إنما قال له هذا لأجل شرطه في قوله: { إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي } على أن قوله: { لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } ليس بسؤال ولكن في ضمنه أمر بأخذ الأجرة عليه لأنهما كانا محتاجين إلى الطعام، والبين هنا ليس بظرف وإنما معناه الوصلة والقرب، وقال الزمخشري: الأصل هذا فراق بيني وبينك بتنوين فراق ونصب بيني على الظرفية، ثم أضيف المصدر إلى الظرف والإشارة بقوله هذا إلى السؤال الثالث، الذي أوجب الفراق.