الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } * { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً }

{ وَوُضِعَ ٱلْكِتَٰبُ } يعني صحائف الأعمال، فالكتاب اسم جنس { كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ } كلام مستأنف جرى مجرى التعليل لإباية إبليس عن السجود، وظاهر هذا الموضع يقتضي أن إبليس لم يكن من الملائكة، وأن استثناءه منهم استثناء منقطع، فإن الجن صنف غير الملائكة، وقد يجيب عن ذلك من قال: إنه كان من الملائكة بأن كان هنا بمعنى صار: أي خرج من صنف الملائكة إلى صنف الجن، أو بأن الملائكة كان منهم قوم يقال لهم الجن وهم الذين خلقوا من نار { فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ }: أي خرج عن ما أمر به، والفسق في اللغة: الخروج { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ } هذا توبيخ ووعظ، وذرية إبليس هم الشياطين واتخاذهم أولياء بطاعتهم في عصيان الله والكفر به.