الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هٰذِهِ ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ ٱلْمُتَّقِينَ } * { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤونَ كَذَلِكَ يَجْزِي ٱللَّهُ ٱلْمُتَّقِينَ }

{ وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً } لما وصف مقالة الكفار الذين قالوا أساطير الأولين: قابل ذلك بمقالة المؤمنين، فإن قيل: لم نصب جواب المؤمنين وهو قولهم: خيراً، رفع جواب الكافرين وهو أساطير الأولين؟ فالجواب: أن قولهم خيراً منصوب بفعل مضمر تقديره أنزل خيراً، ففي ذلك اعتراف بأن الله أنزله، وأما أساطير الأولين فهو خبر ابتداء مضمر تقديره هو أساطير الأولين، فلم يعترفوا بأن الله أنزله فلا وجه لنصبه، ولو كان منصوباً لكان الكلام متناقضاً؛ لأن قولهم أساطير الأولين يقتضي التكذيب بأن الله أنزله، والنصب بفعل مضمر يقتضي التصديق بأن الله أنزله، لأن تقديره أنزل، فإن قيل: يلزم مثل هذا في الرفع، لأن تقديره هو أساطير الأولين، فإنه غير مطابق للسؤال الذي هو ماذا أنزل ربكم، الجواب: أنهم عدلوا بالجواب عن السؤال فقالوا هو أساطير الأولين، ولم ينزله الله { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هٰذِهِ ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةٌ } ارتفع حسنة بالابتداء وللذين خبره، والجملة بدل من خيراً، وتفسيره للخير الذي قالوا، وقيل: هي استئناف كلام الله تعالى، لا من كلام الذين قالوا خيراً { جَنَّاتُ عَدْنٍ } يحتمل أن يكون هو اسم الممدوح بنعم، فيكون مبتدأ وخبره فيما قبله أو خبر ابتداء مضمر، ويحتمل أن يكون مبتدأ وخبره يدخلونها أو مضمر تقديره: لهم جنات عدن.