الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبْتُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } * { ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ }

{ إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبْتُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ } أمر موسى بني إسرائيل أن يجعلوا يوم الجمعة مختصاً للعبادة فرضي بعضهم بذلك، وقال أكثرهم: بل يكون يوم السبت، فألزمهم الله يوم السبت، فاختلافهم فيه هو ما ذكر والسبت على هذا هو اليوم، وقيل اختلافهم فيه: هو أن منهم من حرم الصيد فيه، ومنهم من أحله، فعاقبهم الله بالمسخ قردة، فالمعنى: إنما جعل وبال السبت على الذين اختلفوا فيه، والسبت على هذا مصدر من سبت إذا عظم يوم السبت، قاله الزمخشري، وتقتضي الآية أن السبت لم يكن من ملة إبراهيم عليه السلام { ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ } المراد بالسبيل هنا: الإسلام، والحكمة هي الكلام الذي يظهر صوابه، والموعظة هي الترغيب والترهيب، والجدال هو الردّ على المخالف، وهذه الأشياء الثلاثة يسميها أهل العلوم العقلية بالبرهان والخطابة والجدال، وهذا الآية تقتضي مهادنة نسخت بالسيف، وقيل: إن الدعاء إلى الله بهذه الطريقة من التلطف والرفق غير منسوخ، وإنما السيف لمن لا تنفعه هذه الملاطفة من الكفار: وأما العصاة فهي في حقهم محكمة إلى يوم القيامة باتفاق.