الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ } * { قَالُوۤاْ أَءِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي قَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَآ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ } * { قَالَ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ }

{ قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ } لما شكوا إليه رقَّ لهم وعرّفهم بنفسه، ورُوِي أنه كان يكلمهم وعلى وجهه لثام، ثم أزال اللثام ليعرفوه، وأراد بقوله ما فعلتم بيوسف وأخيه: التفريق بينهما في الصغر، ومضرتهم ليوسف وإذايتهم أخيه من بعده، فإنهم كانوا يذلونه ويشتمونه { إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ } اعتذار عنهم، فيحتمل أن يريد الجهل بقبح ما فعلوه أو جهل الشبابُ { قَالُوۤاْ أَءِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ } قرئ بالاستفهام والخبر، فالخبر على أنهم عرفوه؛ والاستفهام على أنهم عرفوه؛ والاستفهام على أنهم توهموا أنه هو ولم يحققوه { مَن يَتَّقِ وَيَِصْبِرْ } قيل إنه أراد من يتق في ترك المعصية، ويصبر على السجن، واللفظ أعم من ذلك { آثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيْنَا } أي فضلك { لَخَٰطِئِينَ } أي عاصين، وفي كلامهم استعطاف واعتراف { لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ } عفو جميل، والتثريب التعنيف والعقوبة، وقوله اليوم راجع إلى ما قبله فيوقف عليه، وهو يتعلق بالتثريب، أو بالمقدر في عليكم من معنى الاستقرار؛ وقيل: إنه يتعلق بيغفر، وهذا بعيد لأنه تحكم على الله؛ وإنما يغفر دعاء، فكأنه أسقط حق نفسه بقوله: لا تثريب عليكم اليوم، ثم دعا إلى الله أن يغفر لهم حقه.