الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ } * { فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا ٱلضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا ٱلْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ ٱللَّهَ يَجْزِي ٱلْمُتَصَدِّقِينَ }

{ يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ } يعني إلى الأرض التي تركتم بها أخويكم { فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ } أي تعرّفوا خبرهما، والتحسّس طلب الشيء بالحواس؛ السمع والبصر، وإنما لم يذكر الولد الثالث، لأنه بقي هناك اختياراً منه، ولأن يوسف وأخاه كانا أحب إليه { وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ } أي من رحمة الله { إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَٰفِرُونَ } إنما جعل اليأس من صفة الكافر، لأن سببه تكذيب الربوبية أو جهلاً بصفات الله من قدرته وفضله ورحمته { فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ } أي على يوسف وقيل: هذا محذوف تقديره فرجعوا إلى مصر { ٱلضُّرُّ } يريدون به المجاعة أو الهم على إخوتهم { بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَٰةٍ } يعنون الدراهم التي جاؤوا بها لشراء الطعام، والمزجاة القليلة، وقيل: الرديئة، وقيل: الناقصة، وقيل: إن بضاعتهم كانت عروضاً فلذلك قالوا هذا { وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ } قيل: يعنون بما بين الدراهم الجياد ودراهمهم [من فوق] وقيل: أوف لنا الكيل الذي هو حقنا وزدنا على حقنا، وسموا الزيادة صدقة، ويقتضي هذا أن الصدقة كانت حلالاً للأنبياء قبل محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل: تصدق علينا برد أخينا إلينا { إِنَّ ٱللَّهَ يَجْزِي ٱلْمُتَصَدِّقِينَ } قال النقاش: هو من المعاريض وذلك أنهم كانوا يعتقدون أنه كافر، لأنهم لم يعرفوه، فظنوا أنه على دين أهل مصر، فلو قالوا: إن الله يجزيك بصدقتك كذبوا، فقالوا لفظاً يوهم أنهم أرادوه وهم لم يريدوه.