الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ } * { لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ } * { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ } * { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ }

{ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ } جواب لو محذوف تقديره لو تعلمون لازدجرتم واستعددتم للآخرة، فينبغي الوقف على اليقين، ومعمول لو تعلمون محذوف أيضاً، وعلم اليقين مصدر، ومعنى علم اليقين: العلم الذي لا يشك فيه. قال بعضهم: هو من إضافة الشيء إلى نفسه كقولك: دار الآخرة وقال الزمخشري: معناه علم الأمور التي تتيقنونها بالمشاهدة { لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ } هذا جواب قسم محذوف، وهو تفسير لمفعول لو تعلمون تقديره: لو تعلمون عاقبة أمركم ثم فسرها بأنها رؤية الجحيم، والتفسير بعد الإبهام يدل على التهويل والتعظيم. والخطاب لجميع الناس فهو كقوله:وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } [مريم: 71] وقيل: للكفار خاصة، فالرؤية على هذا يراد بها الدخول فيها { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ } هذا تأكيد للرؤية المتقدمة وعطفه بثم للتهويل والتفخيم، والعين هنا من قولك: عين الشيء نفسه وذاته، أي لترونها الرؤية التي هي نفس اليقين { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } هذا إخبار بالسؤال في الآخرة عن نعيم الدنيا، فقيل: النعيم الأمن والصحة، وقيل: الطعام والشراب، وهذه أمثلة، والصواب العموم في كل ما يتلذذ به قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بيت يُكنّك وخرقه تواريك وكسرة تشدّ قلبك وما سوى ذلك فهو نعيم، وقال صلى الله عليه وسلم كل نعيم فمسؤول عنه إلا نعيم في سبيل الله، " وأكل صلى الله عليه وسلم يوماً مع أصحابه رطباً وشربوا عليه ماء، فقال لهم: هذا من النعيم الذي تسألون عنه ".