الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ }

قوله: { إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ }: في نصبِه وجهان، أحدهما: أنه مفعولٌ له. قال الزمخشري: " ويجوزُ أَنْ يكونَ مفعولاً له على المعنىٰ؛ لأنَّ المعنىٰ: لا يُؤْتي مالَه إلاَّ ابتغاءَ وَجْهِ ربه لا لمكافأةِ نعمةٍ " وهذا أَخَذَه مِنْ قولِ الفَرَّاء فإنه قال: " ونُصِبَ على تأويل: ما أعْطَيْتُك ابتغاءَ جزائِك، بل ابتغاءَ وجهِ اللَّهِ تعالى. والثاني: أنَّه منصوبٌ على الاستثناء المنقطع، إذ لم يندَرِجْ تحت جنسِ " مِنْ نعمة " وهذه قراءة العامَّةِ، أعني النصبَ والمدَّ. وقرأ يحيىٰ برفعِه ممدوداً على البدل مِنْ محلِّ " مِنْ نعمة " لأنَّ محلَّها الرفعُ: إمَّا على الفاعليَّةِ، وإمَّا على الابتداءِ، و " مِنْ " مزيدةٌ في الوجهَيْن، والبدلُ لغة تميمٍ، لأنهم يُجْرُون المنقطعَ في غيرِ الإِيجاب مُجْرىٰ المتصل. وأنشد الزمخشريُّ بالوجهَيْن: النصبِ والبدلِ قولَ بشرِ بنِ أبي خازم:
4587- أَضْحَتْ خَلاءً قِفاراً أَنيسَ بها   إلاَّ الجآذِرُ والظِّلْمانَُِ تَخْتَلِفُ
وقولَ القائلِ في الرفع:
4588- وبَلْدَةٍ ليس بها أنيسُ   إلاَّ اليَعافيرُ وإلاَّ العِيْسُ
وقال مكي: " وأجاز الفراء الرفعَ في " ابتغاء " على البدل مِنْ موضع " نِعْمَةٍ " وهو بعيدٌ " قلت: كأنَّه لم يَطِّلِعْ عليها، قراءةً، واستبعادُه هو البعيدُ، فإنَّها لغةٌ فاشيةٌ. وقرأ ابنُ ابي عبلة " ابْتِغا " بالقصر.