الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَأَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ }

قوله تعالى: { وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ }: قيل: هذه تأكيد للآية السابقة. وقال الفارسي: " ليست للتأكيد لأن تِيْكَ في قوم، وهذه في آخرين، وقد تغاير لفظاً الاثنتين فههنا " ولا " بالواو لمناسبة عطفِ نهيٍ على نهيٍ قبلَه في قوله: " ولا تُصَلِّ، ولا تَقُمْ، ولا تُعْجبك " ، فناسب ذلك الواو، وهناك بالفاءِ لمناسبةِ تعقيبِ قولِه: ولا يُنْفِقون إلا وهم كارهون " ، أي: للإِنفاقِ فهم مُعْجَبون بكثرة الأموالِ والأولادِ فنهاه عن الإِعجاب بفاء التعقيبِ. وهنا " وأولادهم " دون " لا " لأنه نهيٌ عن الإِعجاب بهما مجتمعين، وهناك بزيادةِ " لا " لأنه نهيٌ عن كل واحد واحد فَدَلَّ مجموعُ الاثنين على النهي بهما مجتمعَيْن ومنفردين. وهنا " أنْ يُعَذِّبهم " وهناك " ليُعَذِّبهم " ، فأتى باللام مُشْعرةً بالغلبة، ومفعولُ الإِرادةِ محذوفٌ، أي: إنما يريد الله اختبارَهم بالأموال والأولاد، وأتى بـ " أن " لأنَّ مَصَبَّ الإِرادة التعذيبُ، أي: إنما يريد الله تعذيبَهم. فقد اختلف متعلَّقُ الإِرادة في الآيتين. هذا هو الظاهر وإن كان يُحتمل أن تكونَ اللامُ زائدة، وأن تكونَ " أَنْ " على حذف لام علة. وهناك " في الحياة الدنيا " وهنا سقطت " الحياة " ، تنبيهاً على خِسِّيَّة الدنيا، وأنها لا تستحق أن تُسَمَّى حياة، لا سيما وقد ذُكِرَت بعد ذِكر موتِ المنافقين فناسَبَ ألاَّ تُسَمَّى حياة.