قوله تعالى: { بِمَقْعَدِهِمْ }: متعلقٌ بـ " فرح " ، وهو يصلح لمصدر قعد وزمانِه ومكانِه، والمرادُ به ههنا المصدرُ، أي: بقعودهم وإقامتها بالمدينة. قوله: { خِلاَفَ } فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدها: أنه منصوبٌ على المصدر بفعلٍ مقدرٍ مدلولٍ عليه بقوله: " مَقْعدهم " ، لأنه في معنى تخلَّفوا، أي: تخلفوا خلاف رسول الله. الثاني: أنَّ " خلاف " مفعولٌ من أجله، والعامل فيه: إمَّا فرح، وإما مَقْعد، أي: فَرِحوا لأجل مخالفتهم رسول الله حيث مضى هو للجهاد وتَخَلَّفوا هم عنه، أو بقعودِهم لمخالفَتهم له، وإليه ذهب الطبري والزجاج ومؤرِّج، ويؤيد ذلك قراءةُ منْ قرأ " خُلْف " بضم الخاءِ وسكون اللام، والثالث: أنْ ينتصب على الظرف، أي: بعد رسول الله. يُقال: " أقام زيد خلاف القوم " ، أي: تخلف بعد ذهابهم، و " خلافَ " يكون ظرفاً قال:
2520 ـ عَقَبَ الربيعُ خِلافَهُمْ فكأنما
بَسَطَ الشَّواطِبُ بينهن حصيرا
وقال الآخر:
2521 ـ فقلْ للذي يَبْقى خِلاَفَ الذي مَضَىٰ
تَهَيَّأْ لأُِخْرىٰ مِثلها وكأنْ قَدِ
وإليه ذهب أبو عبيدة وعيسى بن عمر والأخفش، ويؤيد هذا قراءة ابن عباس وأبي حيوة وعمرو بن ميمون " خَلْفَ " بفتح الخاء وسكون اللام.