الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

قوله تعالى: { فَرِيضَةً }: في نصبها وجهان أحدهما: أنها مصدر على المعنى، لأن معنى إنما الصدقات للفقراء في قوة: فرض الله ذلك. والثاني: أنها حالٌ من الفقراء، قاله الكرماني وأبو البقاء، يَعنْيان/ من الضمير المستكنّ في الجار لوقوعه خبراً، أي: إنما الصدقاتُ كانت لهم حال كونها فريضةً، أي: مفروضة. ويجوز أن تكون " فريضة " حينئذ بمعنى مفعولة، وإنما دخلت التاء لجريانها مجرى الأسماء كالنَّطيحة. ويجوز أن يكون مصدراً واقعاً موقع الحال. قال الزمخشري: " فإنْ قلت: لِمَ عدل عن اللام إلى " في " في الأربعة الأخيرة؟ قلت: للإِيذان بأنهم أرسخُ في استحقاق التصدُّق عليهم مِمَّن سَبَق ذكرُه؛ لأن " في " للوعاء، فنبَّه على أنهم أحقاءُ بأن توضع فيهم الصدقات ويُجعلوا مَظِنَّةً لها ومَصَبَّاً " ، ثم قال: " وتكرير " في " في قوله: { وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } فيه فضلُ ترجيحٍ لهذين على الرقاب والغارمين ".

ونُقِل عن سيبويه أن " فريضة " منصوبٌ بفعلها مقدراً، أي: فرض الله ذلك فريضة. ونُقل عن الفراء أنها منصوبة على القطع.

وقرىء " فريضةٌ " بالرفع على: تلك فريضة.

والغُرْم أصله لُزوم شيءٍ شاق ومنه قيل للعشق غرام، ويُعَبَّر به عن الهلاك في قوله تعالىٰ:إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } [الفرقان: 65]، وغَرامَةُ المال فيها مشقة عظيمة.