قوله تعالى: { طَوْعاً أَوْ كَرْهاً }: مصدران في موضع الحال، أي: طائعين أو كارهين. وقرأ الأخوان " كُرْهاً " بالضم وقد تقدم تحقيق ذلك في النساء. وقال الشيخ هنا: " قرأ الأعمش وابن وثاب " كُرْهاً " بضم الكاف ". وهذا يُوهم أنها لم تُقْرأ في السبعة. قال الزمخشري " هو أمرٌ في معنى الخبر كقوله:{ فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَدّاً } [مريم: 75] ومعناه: لن يُتقبَّل منكم: أنفقتم طَوْعاً أو كرهاً، ونحوه قوله تعالى:{ ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } [التوبة: 80]. وقوله ـ يعني كثيِّر عَزَّة ـ:
2499 ـ أسِيْئي بنا أو أَحْسِني لا مَلُومَةٌ
......................
أي: لن يغفر الله لهم استغفرت أو لم تستغفر، ولا نلومك أحسنتِ إلينا أو أَسَأْتِ، وفي معناه قول القائل:
2500 ـ أخوك الذي إنْ قُمْتَ بالسيفِ عامداً
لتضربَهُ لم يَسْتَغِشَّك في الودِّ
وقال ابن عطية: " هذا أمرٌ في ضمنه جزاءٌ، وهذا مستمر في كل أمرٍ معه جزاء والتقدير: إن تنفقوا لن يُتقبَّل منكم، وأما إذا عَرِي الأمرُ من الجواب فليس يصحبه تضمُّنُ الشرط " قال الشيخ: " ويَقْدح في هذا التخريجِ أنَّ الأمر إذا كان فيه معنى الشرط كان الجواب لجواب الشرط، فعلى هذا يقتضي أن يكون التركيب: " لن يُتقبل " بالفاء لأنَّ " لن " لا تقع جواباً للشرط إلا بالفاء فكذلك ما ضُمِّن معناه، ألا ترى جزمَه الجوابَ في نحو: اقصد زيداً يُحْسِنْ إليك ". قلت: إنما أراد أبو محمد تفسير المعنى، وإلا فلا يَجْهَلُ مثل هذه الواضحات. وأيضاً فلا يلزمُ لأن يُعْطى الأمرُ التقديري حكمَ الشيء الظاهر من كل وجه. وقوله: { إِنَّكُمْ } وما بعد جارٍ مَجْرى التعليل.