الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ }

قوله تعالى: { مَّن يَقُولُ ٱئْذَن }: كقولهيَاصَالِحُ ٱئْتِنَا } [الأعراف: 77] من أنه يجوز تحقيقُ الهمزة وإبدالُها واواً لضمة ما قبلها، وإن كانت منفصلةُ من كلمةٍ أخرىٰ./ وهذه الهمزةُ هي فاءُ الكلمة، وقد كان قبلها همزةُ وصل سَقَطت دَرْجاً. قال أبو جعفر. " إذا دخلت الواو والفاء على " ائذن " فهجاؤها ألفٌ وذال ونون بغير ياء، أو " ثم " فالهجاءُ ألفٌ وياءٌ وذالٌ ونون. والفرقُ أنَّ " ثم " يوقف عليها ويُنْفَصَل بخلافهما ". قلت: يعني أنه إذا دخلت واوُ العطف أو فاؤه على هذه اللفظةِ اشتدَّ اتصالُهما بها فلم يُعْتَدَّ بهمزة الوصل المحذوفة دَرْجاً، فلم يُرْسَمْ لها صورةٌ فتكتب " فَأْذَنْ، وَأْذَنْ " ، فهذه الألفُ مِنْ صورةِ الهمزة التي هي فاءُ الكلمة. وإذا دخلت عليها " ثم " كُتِبَتْ كذا: { ثُمَّ ٱئْتُواْ } ، فاعتدُّوا بهمزة الوصل فرسموا لها صورة. قلت: وكأنَّ هذا الحكمَ الذي ذَكره مع " ثم " يختصُّ بهذه اللفظة، وإلا فغيرُها مما فاؤُه همزةٌ تسقط صورة همزة وصلِه خَطَّاً فيُكتب الأمرُ من الإِتيان مع " ثم " هكذا: " ثم أْتُوا " وكان القياسُ على " ثمَّ ائْذَنْ ": " ثم ائتوا " وفيه نظر.

وقرأ عيسى بن عمر وابن السَّمَيْفع وإسماعيل المكي فيما روىٰ عنه ابن مجاهد: " ولا تُفْتِينِّي " بضم حرف المضارعة مِنْ أفتنه رباعياً. قال أبو حاتم: " هي لغة تميم ". وقيل: أفتنه: أدخله فيها. وقد جمع الشاعر بين اللغتين فقال:
2494 ـ لئن فَتَنَتْني فهي بالأمس أفتنتْ   سعيداً فأمسى قد قلا كلَّ مسلم
ومتعلق الإِذن القعود، أي: ائذن لي في القعود والخُلْف عن العدو ولا تَفْتِنِّي بخروجي معك.