الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ }

قوله تعالى: { يَوْمَ يُحْمَىٰ }: منصوبٌ بقوله: " بعذاب أليم " ، وقيل: بمحذوفٍ يدلُّ عليه عذاب أي: يُعَذَّبون يوم يُحمى، أو اذكر يومَ يُحْمى. وقيل: هو منصوبٌ بأليم. وقيل: الأصل: عذاب يوم، وعذاب بدل مِنْ عذاب الأول، فلمَّا حُذِفَ المضافُ أقيم المضافُ إليه مُقامَه. وقيل: منصوبٌ بقولٍ مضمر وسيأتي بيانُه.

و " يُحمى " يجوز أن يكونَ مِنْ حَمَيْتُ أو أَحْمَيْتُ ثلاثياً ورباعياً. يقال: حَمَيْتُ الحديدة وأَحْمَيْتها أي: أَوْقَدَتْ عليها لتَحْمَى. والفاعلُ المحذوفُ هو النارُ تقديرُه: يوم تُحمى النار عليها، فلما حُذِفَ الفاعل ذهبت علامةُ التأنيث لذَهابِه، كقولك: " رُفِعَت القضيةُ إلى الأمير " ، ثم تقول: " رُفع إلى الأمير ". وقيل: المعنى: يُحْمَى الوقود.

وقرأ الحسن: " تُحْمَى " بالتاء من فوق أي: النار وهي تؤيد التأويل الأول. وقرأ أبو حيوة: " يُكوى " بالياء من تحت، لأن تأنيثَ الفاعلِ مجازيٌّ. والجمهور " جباهُهم " بالإِظهار، وقرأ أبو عمرو في بعض طرقه بالإِدغام كما أَدْغم:سَلَكَكُمْ } [المدثر: 42]مَّنَاسِكَكُمْ } [البقرة: 200]، ومثل: جباههم: " وجوههم " المشهور الإِظهار.

قوله: { هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ } معمولٌ لقول محذوف أي: يُقال لهم ذلك يومَ يحمى. وقوله: { مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ } أي: جزاءَ ما كنتم؛ لأنَّ المكنوزَ لا يُذاق. و " ما " يجوز أن تكون بمعنى الذي، فالعائدُ محذوفٌ، وأن تكونَ مصدرية. وقرىء " تَكْنُزون " بضم عين المضارع، وهما لغتان يقال: كَنَزَ يَكْنِز، وكَنَزَ يَكْنُز.