قوله تعالى: { وَأَذَانٌ }: رفع بالابتداء، و " مِن الله ": إمَّا صفةُ أو متعلقٌ به. و إلى الناس " الخبر. ويجوز أن يكونَ خبرَ مبتدأ محذوفٍ أي: وهذا إعلامٌ، والجارَّان متعلقان به كما تقدَّم في " براءة ". قال الشيخ: " ولا وجهَ لقولِ مَنْ قال إنه معطوف على " براءة " ، كما لا يُقال " عمرو " معطوف على " زيد " في " زيد قائم وعمرو قاعد ". وهو [كما قال]، وهذه عبارة [الزمخشري بعينها] وقرأ الضحَّاك وعكرمة وأبو المتوكل: " وإذْن " بكسر الهمزةِ وسكونِ الذال. وقرأ العامَّةُ: " أنَّ الله " بفتح الهمزة على أحدِ وجهين: إمَّا كونِه خبراً لـ " أذان " أي: الإِعلامُ من الله براءتُه من المشركين ـ وضعَّف الشيخُ هذا الوجهَ ولم يذكر تضعيفَه ـ وإمَّا على حَذْفِ حرفِ الجر أي: بأن الله. ويتعلَّقُ هذا الجارُّ إمَّا بنفس المصدرِ، وإمَّا بمحذوفٍ على أنه صفتُه. و " يومَ " منصوبٌ بما تعلَّق به الجارُّ في قوله: " إلى الناس ". وزعم بعضُهم أنه منصوبٌ بـ " أذانٌ " وهو فاسدٌ من وجهين: أحدهما: وصفُ المصدرِ قبل عمله. الثاني: الفَصْلُ بينه وبين معمولِه بأجنبيّ وهو الخبرُ. وقرأ الحسن والأعرج بكسر الهمزة، وفيه المذهبان المشهوران: مذهبُ البصريين إضمارُ القول، ومذهبُ الكوفيين إجراءُ/ الأذانِ مُجْرىٰ القول. قوله: { مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } متعلقٌ بنفس " بريء " كما يقال: " بَرِئْتُ منه " ، وهذا بخلاف{ بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ } [التوبة: 1] فإنها هناك تحتمل هذا، وتحتمل أن تكونَ صفةً لـ " براءة ". قوله: { وَرَسُولِهِ } الجمهورُ على رَفْعِه، وفيه ثلاثة أوجه، أحدها: أنه مبتدأٌ والخبرُ محذوفٌ أي: ورسولُه بريءٌ منهم، وإنما حُذِفَ للدلالةِ عليه. والثاني: أنه معطوفٌ على الضميرِ المستتر في الخبر، وجاز ذلك للفصلِ المسوِّغ للعطف فرفعُه على هذا بالفاعلية. الثالث: أنه معطوفٌ على محل اسم " أنَّ " ، وهذا عند مَنْ يُجيز ذلك في المفتوحةِ قياساً على المكسورة. قال ابن عطية: " ومذهبُ الأستاذ ـ يعني ابن الباذش ـ على مقتضى كلامِ سيبويهِ أن لا موضعَ لِما دخلَتْ عليه " أنَّ "؛ إذ هو مُعْرَبٌ قد ظهر فيه عملُ العامل، وأنه لا فرقَ بين " أَنَّ " وبين " ليت " ، والإِجماعُ على أن لا موضعَ لِما دَخَلَتْ عليه هذه ". قال الشيخ: " وفيه تعقُّبٌ؛ لأن علةَ كونِ " أنَّ " لا موضعَ لِما دَخَلَتْ عليه ليس ظهورَ عملِ العامل بدليل: " ليس زيد بقائم " و " ما في الدار مِنْ رجل " فإنه ظهر عملُ العامل ولهما موضع، وقولُه: " بالإِجماع " ـ يريد أن " ليت " لا موضعَ لِما دَخَلَتْ عليه بالإِجماع ـ ليس كذلك؛ لأن الفراءَ خالَفَ، وجعل حكمَ " ليت " وأخواتِها جميعِها حكمَ " إنَّ " بالكسر ".