قوله تعالى: { بِأَنَّ لَهُمُ }: متعلقٌ بـ " اشترىٰ " ، ودخلت الباءُ هنا على المتروك على بابها، وسَمَّاها أبو البقاء باء المقابلة كقولهم باء العوض. وقرأ عمر بن الخطاب " بالجنة ". قوله: " يُقاتِلُون " يجوز أن يكونَ مستأنفاً، ويجوز أن يكونَ حالاً. وقال الزمخشري: " يقاتلون " فيه معنى الأمر، كقوله تعالى:{ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ } [الصف: 11]. قلت: وعلى هذا فيتعيَّنُ الاستئناف، لأن الطلب لا يقع حالاً. وقد تقدَّم الخلاف في " فيَقتلون ويُقتلون " في آل عمران. قوله: { وَعْداً } منصوبٌ على المصدر المؤكد لمضمون الجملة لأنَّ معنى " اشترى " معنى وعدهم بذلك فهو نظير " هذا ابني حقاً ". ويجوز أن يكونَ مصدراً في موضع الحال، وفيه ضعف. و " حقاً " نعت له، و " عليه " حالٌ مِنْ " حقاً " لأنه في الأصل صفةٌ لو تأخَّرَ. قوله: { فِي ٱلتَّوْرَاةِ } فيه وجهان، أحدهما: أنه متعلق بـ " اشترىٰ " وعلى هذا فتكونُ كل أمة قد أُمِرت بالجهاد ووُعِدت عليه الجنة. والثاني: أنه متعلقٌ بمحذوف لأنه صفةٌ للوعد، أي: وعداً مذكوراً وكائناً في التوراة، وعلى هذا فيكون الوعد بالجنة لهذه الأمة مذكوراً في كتب الله المُنَزَّلَة. وقال الزمخشري في أثناءِ كلامه: " لا يجوز عليه قبيحٌ قط " ، قال الشيخ: " استعمل " قط " في غير موضوعه؛ لأنه أتىٰ به مع قوله: " لا يجوز عليه " و " قط " ظرفٌ ماضٍ؛ فلا يعمل فيه إلا الماضي " ، قلت: ليس المراد هنا زمناً بعينه. وقوله: { فَٱسْتَبْشِرُواْ } فيه التفاتٌ من الغَيْبَة إلى الخطاب لأنَّ في خطابهم بذلك تشريفاً لهم، واستفعل هنا ليس للطلب، بل بمعنى أفعل كاستوقد وأوقد. وقوله: { ٱلَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ } توكيدٌ كقوله:{ ٱلَّذِي بَنَوْاْ } [التوبة: 110] لينصَّ لهم على هذا البيعِ بعينه.