الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

وقوله تعالى: { بُنْيَانُهُمُ }: يحتمل أن يكونَ مصدراً على حاله، أي: لا يزال هذا الفعل الصادر منهم. ويحتمل أن يكونَ مراداً به المبني، وحينئذٍ يُضْطَرُّ إلى حذف مضاف، أي: بناء بنيانهم لأن المبنيَّ ليس ريبةً، و يُقَدَّر الحذف من الثاني، أي: لا يزال مبنيُّهم سببَ ريبة. وقوله: " الذي بَنَوا " تأكيدٌ دَفْعاً لوَهْم مَنْ يتوهَّم أنهم لم يَبْنُوا حقيقة وإنما دَبَّروا أموراً، مِنْ قولهم: " كم أبني وتهدمُ " ، وعليه قوله:
2546 ـ متى يبلغُ البُنيانُ يوماً تمامَه   إذا كنت تَبْنِيه وغيرك يَهْدِم
قوله: { إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ } المستثنى منه محذوفٌ والتقدير: لا يزال بنيانُهم ريبةً في كل وقت إلا وقتَ تقطيعِ قلوبهم، أو في كل حال إلا حالَ تقطيعها. وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص " تَقَطَّع " بفتح التاء، والأصل: تتقطع بتاءَيْن فحُذفت إحداهما. وقرأ الباقون " تُقَطَّع " بضمِّها، وهو مبني للمفعول مضارع قَطَّع بالتشديد. وقرأ أُبَيّ " تَقْطَع " مخففاً مِنْ قطع. وقرأ الحسن ومجاهد وقتادة ويعقوب " إلى أن " بإلى الجارة وأبو حَيْوة كذلك. وهي قراءةٌ واضحةٌ في المعنى، إلا أن أبا حيوة قرأ " تُقَطِّع " بضم التاء وفتح القاف وكسر الطاء مشددةً، والفاعلُ ضميرُ الرسول. " قلوبَهم " نصباً على المفعول، والمعنى بذلك أن يقتلهم ويتمكَّن منهم كلَّ تمكُّن. وقيل: الفاعلُ ضمير الرِّيبة، أي: إلى أن تَقْطَع الرِّيبةُ قلوبَهم. وفي مصحف عبد الله " ولو قُطِّعَتْ " وبها قرأ أصحابُه، وهي مخالفةٌ لسوادِ مصاحف الناس.