الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

قوله تعالى: { هُوَ يَقْبَلُ }: " هو " مبتدأ، و " يَقْبَلُ " خبره والجملةُ خبر أنَّ، وأنَّ وما في حيِّزها سادةٌ مَسَدَّ المفعولين أو مسدَّ الأول. ولا يجوز أن يكونَ " هو " فصلاً لأنَّ ما بعده لا يوهم الوصفيَّة، وقد تحرَّر مِنْ ذلك فيما تقدم.

وقرأ الحسن ـ قال الشيخ: وفي مصحف أُبي ـ " ألم تعلموا " بالخطاب. وفيه احتمالات، أحدها: أن يكون خطاباً للمتخلِّفين الذين قالوا: ما هذه الخاصية التي اختصَّ بها هؤلاء؟ و [الثاني]: أن يكون التفاتاً من غير إضمارِ قولٍ، والمرادُ التائبون. و [الثالث]: أن يكون على إضمارِ قولٍ أي: قل لهم يا محمد ألم تعلموا.

قوله: { عَنْ عِبَادِهِ } متعلقٌ بـ " يَقْبَل " ، وإنما تعدَّى بـ " عن " فقيل: لأنَّ معنى " مِنْ " ومعنى " عن " متقاربان. قال ابن عطية: " وكثيراً ما يُتَوَصَّل في موضع واحد بهذه وبهذه نحو " لا صدقةَ إلا عن غني ومِنْ غني " ، و " فعل ذلك فلانٌ مِنْ أَشَره وبَطَره، وعن أَشَره وبَطَره ". وقيل: لفظه " عن " تُشعر ببُعْدٍ ما، تقول: " جلس عن يمين الأمير " أي مع نوعٍ من البعد. والظاهرُ أنَّ " عن " هنا للمجاوزة على بابها، والمعنى: يتجاوز عن عباده بقبول توبتهم، فإذا قلت: " أخذت العلم عن زيد " ، فمعناه المجاوزةُ، وإذا قلت: منه فمعناه ابتداء الغاية.

قوله: { هُوَ ٱلتَّوَّابُ } يجوز أن يكون فصلاً، وأن يكون مبتدأ بخلافِ ما قبلَه.