الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله تعالى: { وَآخَرُونَ }: نسقٌ على " منافقون " أي: وممن حولكم آخرون، أو ومن أهلِ المدينة آخرون. ويجوز أن يكون مبتدأ و " اعترفوا " صفتَه، والخبر قولُه " خلطوا ".

قوله: { وَآخَرَ } نسقٌ على " عملاً ". قال الزمخشري: " فإن قلت: قد جُعِل كلُّ واحد منهما مخلوطاً فما المخلوط به؟ قلت: كلُّ واحدٍ مخلوطٌ ومخلوطٌ به، لأن المعنىٰ: خلط كل واحدٍ منهما بالآخر كقولك: " خَلَطْتُ الماء واللبن " تريد: خَلَطْتُ كلَّ واحد منهما بصاحبه، وفيه ما ليس في قولك: " خَلَطْتُ الماءَ باللبن " لأنك جَعَلْتُ الماءَ مخلوطاً واللبن مخلوطاً به. وإذا قلته بالواو جَعَلْتَ الماء واللبن مخلوطين ومخلوطاً بهما، كأنك قلت: خَلَطْتُ الماء باللبن واللبن بالماء ". ثم قال: " ويجوز أن يكونَ مِنْ قولهم: " بِعْتُ الشاء: شاةً ودرهماً " بمعنى: شاة بدرهم " قلت: لا يريد أن الواو بمعنى الباء، وإنما هذا تفسيرُ معنى. وقال أبو البقاء: " ولو كان بالباء جاز أن تقول: خلطْتُ الحِنْطة والشعير، وخلطت الحنطةَ بالشعير ".

قوله: { عَسَىٰ ٱللَّهُ } يجوز أن تكون الجملةُ مستأنفةً، ويجوز أن تكونَ في محل رفع خبراً لـ " آخرون " ، ويكون قولُه: " خلطوا " في محلِّ نصبٍ على الحال، و " قد " معه مقدرةٌ أي: قد خلطوا. فتلخَّص في " آخرون " أنه معطوفٌ على " منافقون " ، أو مبتدأٌ مخبر عنه بـ " خلطوا " أو الجملةِ الرجائية.