الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ }

قوله: { غُثَآءً }: إمَّا مفعولٌ ثانٍ، وإمَّا حالٌ. والغُثاء بتشديد الثاء وتخفيفِها ـ وهو الفصيحُ ـ/ ما يُقَدِّمُه السَّيْلُ على جوانبِ الوادي من النباتِ ونحوِه. قال امرؤ القيس:
4549ـ كأنَّ ذُرا رأسِ المُجَيْمِرِ غُدوةً   من السَّيْلِ والغُثَّاء فَلْكَةُ مِغْزَلِ
ورواه الفراءُ " والأَغْثاء " على الجمعِ. وفيه غرابةٌ من حيث جَمَعَ فُعالاً على أفْعال.

قوله: { أَحْوَىٰ } فيه وجهان، أظهرُهما: أنَّه نعتٌ لـ " غُثاء ". والثاني: أنه حالٌ من " المَرْعَى ". قال أبو البقاء: " قَدَّم بعضَ الصلةِ ". قلت: يعني أنَّ الأصلَ أخرجَ المرعى أَحْوى فجعله غثاءً، ولا يُسَمَّى هذا تقديماً لبعضِ الصلةِ. والأحْوى: أَفْعَلُ مِنْ الحُوَّة وهي سَوادٌ يَضْرِبُ إلى الخُضْرة. قال ذو الرَّمة:
4550ـ لَمْياءُ في شَفَتَيْها حَوَّةٌ لَعَسٌ   وفي اللِّثاتِ وفي أَنْيابِها شَنَبُ
وقد تقدَّم لك أنَّ بعضَ النحاةِ اسْتَدَلَّ على وجودِ بدلِ الغَلَطِ بهذا البيت. وقيل: خُضرةٌ عليها سوادٌ. والأَحْوى: الظَّبْيُ؛ لأنَّ في ظهره خُطَّتَيْن. قال:
4551ـ وفي الحَيِّ أَحْوَى يَنْفُضُ المَرْدَ شادِنٌ   مُظاهِرُ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وزَبَرْجَدِ
ويقال: رجلٌ أَحْوَى وامرأةٌ حَوَّاء. وجَمْعُهما حُوٌّ، نحو: أحمر وحمراءُ وحُمْر.