الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

قوله تعالى: { وَإِن جَنَحُواْ }: الجُنوح: المَيْل، وجَنَحت الإِبلُ: أمالَتْ أعناقها، قال ذو الرمة:
2438ـ إذا ماتَ فوق الرَّحْلِ أَحْيَيْتُ روحَه   بذكراكِ والعِيسُ المَراسِيلُ جُنَّحُ
ويقال: جَنَح الليلُ: أقبل. قال النضر بن شميل: " جَنَح الرجل إلى فلان ولفلان: إذا خضع له ". والجُنوح: الاتِّباع أيضاً لتضمُّن الميلِ، قال النابغة يصف طيراً يتبع الجيش:
2439ـ جَوانحَ قد أيقَنَّ أنَّ قبيلَه   إذا ما التقى الجمعانِ أولُ غالبِ
ومنه " الجوانح " للأضلاع لمَيْلِها على حَشْوة الشخص، والجناح من ذلك لميلانه على الطائر. وقد تقدَّم الكلام على شيء من هذه المادة في البقرة. وعلى " السِّلم ".

وقرأ أبو بكر عن عاصم هنا بكسرِ السين، وكذا في القتال: { وَتَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلسَّلْمِ }. وافقه حمزة على ما في القتال. و " للسِّلْم " متعلق بـ " جَنَحوا " فقيل: يَتَعدَّى بها وبـ إلى. وقيل: هي هنا بمعنى إلى. وقرأ الأشهب العقيلي " فاجنُحْ " بضم النون وهي لغة قيس، والفتح لغة تميم. والضمير في " لها " يعود على " السلم " لأنها تذكَّر وتؤنَّثُ. ومن التأنيث قولُه:
2440ـ وأَقْنَيْتُ للحربِ آلاتِها   وأَعْدَدْتُ للسِّلْم أوزارَها
/ وقال آخر:
2441ـ السِّلْمُ تأخذ منها ما رَضِيْتَ به   والحربُ يَكْفيك من أنفاسها جُرَعُ