قوله تعالى: { لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ }: قد تقدَّم الخلافُ فيه في آل عمران. وقوله: " ويَجْعل ": يحتمل أن تكون تصييريةً فتنصبَ مفعولين، وأن تكونَ بمعنى الإِلقاء فتتعدَّى لواحد، وعلى كلا التقديرين فـ " بعضه " بدلُ بعضٍ من كل، وعلى القول الأول يكون " على بعض " في موضع المفعول الثاني، وعلى الثاني يكون متعلقاً بنفس الجَعْل نحو قولك: " ألقيْتَ متاعك بعضَه على بعض ". وقال أبو البقاء بعد أن حكم عليها بأنها تتعدَّى لواحد: " وقيل: الجار والمجرور حالٌ تقديرُه: ويجعل الخبيث بعضه عالياً على بعض ". واللام في " ليميز " متعلقة بيُحْشَرون. ويقال: مَيَّزته فتميَّزَ، ومِزْتُه فانماز. وقرئ شاذاً{ وَٱنمَازُواْ ٱلْيَوْمَ } [يس: 59]، وأنشد أبو زيد:
2416ـ لمَّا نبا اللهُ عني شرَّ غَدْرتِه
وانْمِزْتُ لا مُنْسِئاً غَدْراً ولا وَجِلا
وقد تقدَّم الفرق بين هذه الألفاظ في آل عمران. قوله: { فَيَرْكُمَهُ } نسقٌ على المنصوب قبله. والرَّكْمُ: جَمْعُك الشيءَ فوق الشيء حتى يَصير رُكاماً ومَرْكوماً، كما يُركم الرمل والسحاب، ومنه{ يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ } [الطور: 44]. والمُرْتَكم: جادَّة الطريق للرَّكْم الذي فيه، أي: ازدحام السَّابلة وآثارهم. و " جميعاً " حال. ويجوز أن يكونَ توكيداً عند بعضهم.