الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }

قوله تعالى: { هُوَ ٱلْحَقَّ }: العامَّةُ على نصب " الحق " وهو خبر الكون و " هو " فصل، وقد تقدَّم الكلامُ عليه مُشْبعاً. وقال الأخفش: " هو " زائد، ومرادُه ما تقدَّم من كونِه فصلاً. وقرأ الأعمش وزيد بن علي برفع " الحق " ، ووجهُها ظاهرٌ برفع " هو " بالابتداء و " الحق " خبره، والجملةُ خبرُ الكون كقوله:
2409ـ   تَحِنُّ إلى ليلى وأنت تركتَها
وكنتَ عليها بالمَلا أنت أقدرُ   
وهي لغةُ تميم. وقال ابن عطية: " ويجوز في العربية رفع " الحق " على خبر " هو " والجملةُ خبرٌ لـ " كان ". وقال الزجاج: " ولا أعلم أحداً قرأ بهذا الجائزِ ". قلت: قد ظهر مَن قرأ به وهما رجلان جليلان.

وقوله: { مِنْ عِندِكَ } حالٌ من معنى الحق أي: الثابت حالَ كونه مِنْ عندك. وقوله { مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } فيه وجهان أحدهما: أنه متعلقٌ بالفعل قبله. والثاني: أنه صفة لحجارة فيتعلقُ بمحذوفٍ. وقولهم " من السماء " مع أن المطر لا يكون إلا منها، قال الزمخشري: " كأنه أراد أن يقال: فأمْطر علينا السِّجِّيلَ، فوضعَ " حجارة من السماء " موضعَه، كما يقال: " صبَّ عليه مسرودةً من حديد " تريد: " درعاً " ، قال الشيخ: " إنه يريد بذلك التأكيد " ، قال: " كما أن قوله " من حديد " معناه التأكيد؛ لأنَّ المسرودَ لا يكون إلا من حديد كما أن الأمطار لا تكون إلا من السماء ". وقال ابن عطية: " قولهم من السماء مبالغة وإغراق ". قال الشيخ: " والذي يظهر أنَّ حكمةَ قولِهم من السماء هي مقابلتُهم مجيءَ الأمطارِ من الجهة التي ذَكَر عليه السلام أنه يأتيه الوحي من جهتها أي: إنك تذكر أن الوحيَ يأتيك مِن السماء فَأْتِنا بالعذابِ من الجهة التي يأتيك الوحي منها قالوه استبعاداً له ".