قوله تعالى: { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ }: في هذه الفاء وجهان أحدهما ـ وبه قال الزمخشري ـ: أنها جوابُ شرطٍ مقدر أي: إن افتخرتم بقَتْلهم فَلَمْ تقتلوهم " ، قال الشيخ: " وليست جواباً بل لرَبْطِ الكلام بعضِه ببعض ". قوله: { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ } قرأ الأخَوان وابن عامر " ولكن الله قَتَلهم " " ولكن الله رمى " بتخفيف " لكن " ورفع الجلالة، والباقون بالتشديد ونصب الجلالة. وقد تقدَّم توجيهُ القراءتين مُشْبعاً في قوله{ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيْاطِينَ } [البقرة: 104]. وجاءت هنا " لكن " أحسن مجيْءٍ لوقوعها بين نفي وإثبات، وقوله: { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ } نفى عنه الرَّميَ وأثبته له، وذلك باعتبارين: أي: ما رَمَيْتَ على الحقيقة إذ رَمَيْتَ في ظاهر الحال، أو ما رَمَيْتَ الرُّعْبَ في قلوبهم إذ رَمَيْت الحَصَيَات والتراب. وقوله: " وما رَمَيْتَ " هذه الجملة عطفٌ على قوله " فلم تقتلوهم " لأنَّ المضارع المنفي بـ لم في قوة الماضي المنفي بـ " ما " ، فإنك إذا قلت: " لم يَقُم " كان معناه ما قام. ولم يقل هنا: فلم تقتلوهم إذ قتلتموهم، كما قال: " إذ رَمَيْت " مبالغةً في الجملة الثانية. قوله: { وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، متعلِّقٌ بمحذوف أي: وليبليَ فَعَلَ ذلك. أو يكون معطوفاً على علةٍ محذوفة أي: ولكن الله رَمَى ليمحق الكفار وليُبْلي المؤمنين. والبلاء في الخير والشر. قال زهير:
2400ـ................
وأبلاهما خيرَ البلاء الذي يبلو
والهاءُ في " منه " تعود على الظفر بالمشركين. وقيل: على الرمي قالهما مكي. والظاهر أنها تعود على الله تعالى.