الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا }

قوله: { بَعْدَ ذَلِكَ }: " بعد " على بابِها من التأخيرِ. ولا مُعارَضَةَ بينها وبين آيةِ فُصِّلت؛ لأنَّه خلق الأرضَ غيرَ مَدْحُوَّةٍ، ثم خَلَق السماءَ، ثم دحا الأرضَ. وقولُ أبي عبيدة: " إنها بمعنى قَبْل " مُنْكَرٌ عند العلماءِ. ويقال: دحا يَدْحُوا دَحْواً ودَحَى يَدْحي دَحْياً، أي: بَسَط، فهو من ذواتِ الواوِ والياءِ، فيُكتبُ بالألف والياء، ومنه قيل لِعُشِّ النَّعامة: أُدْحُوٌّ، وأُدْحِيٌّ، لانبساطِه في الأرض. وقال أمية:
4495ـ وبَثَّ الخَلْقَ فيها إذ دَحاها   فهم قُطَّانُها حتى التَّنادِي
وقيل: دحى بمعنى سَوَّى. قال زيد بن نُفَيْل:
4496ـ وأَسْلَمْتُ وَجْهِيْ لِمَنْ أَسْلَمَتْ   له الأرضُ تَحْمِلُ صَخْراً ثقالاً
دَحاها فلَمَّا اسْتَوَتْ شَدَّها   بأَيْدٍ وأَرْسى عليها الجِبالا
والعامَّةُ على نصبِ " الأرض " و " الجبال " على إضمارِ فعلٍ مفسَّرٍ بما بعده، وهو المختارُ لتقدُّمِ جملةٍ فعليةٍ. ورَفَعَهما الحسنُ وابن أبي عبلة وأبو حيوة وأبو السَّمَّال وعمرُو بن عبيد، على الابتداء، وعيسى برفع " الأرض " فقط.