الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ }

قوله: { مِّنَ ٱللَّهِ }: يجوزُ أَنْ يتعلَّق بـ " دافعٌ " بمعنى: ليس له دافعٌ مِنْ جهته إذا جاء وقتُه، وأَنْ يتعلَّقَ بـ " واقع " وبه بَدَأَ الزمخشريُّ، أي: واقعٌ من عندِه. وقال أبو البقاء: " ولم يَمْنَعِ النفيُ من ذلك؛ لأنَّ " ليس " فعلٌ " ، كأنه استشعرَ أنَّ ما قبلَ النفيِ لاَ يعملُ فيما بعدَه، فأجاب: بأنَّ النفيَ لَمَّا كان فِعْلاً ساغ ذلك.

وقال الشيخ: " والأجودُ أَنْ يكونَ " من الله " متعلقاً بـ " واقعٍ " ، و " ليس له دافعٌ " جملةُ اعتراضٍ بين العاملِ ومعمولِه " انتهى. وهذا إنما يأتي على القولِ بأنَّ الجملةَ مستأنفةٌ، لا صفةٌ لـ " عذاب " وهو غيرُ الظاهرِ، كما تقدَّم لأَخْذِ الكلامِ بعضِه بحُجْزَةِ بعضٍ.

قوله: { ذِي } صفقةٌ لـ " الله ". والعامَّةُ " تَعْرُج " بالتاء " منْ فوقُ. والكسائيُّ بالياءِ مِنْ تحتُ وهما كقراءتَيْ " فناداه الملائكةُ " ، التاءِ، واسْتَضْعَفَها بعضهُم: من حيث إنَّ مَخْرَج الجيمَ بعيدٌ/ مِنْ مَخْرَجِ التاءِ. وأُجيب عن ذلك: بأنَّها قريبةٌ من الشينِ؛ لأنَّ النَّفَس الذي في الشينِ يُقَرِّبُها مِنْ مَخْرَجِ التاءِ، الجيمُ تُدْغَمُ في الشين لِما بينهما من التقاربِ في المَخْرَجِ والصفةِ، كما تقدَّم فيأَخْرَجَ شَطْأَهُ } [الفتح: 29] فَحُمِل الإِدغامُ في التاءِ على الإِدغامِ في الشينِ؛ لِما بينَ الشينِ والتاءِ من التقاربِ. وأُجيب أيضاً: بأنَّ الإِدغامَ يكونُ لمجرَّدِ الصفاتِ، وإنْ لم يتقارَبَا في المَخْرَجِ، والجيمُ تُشارِكُ التاءَ في الاستفالِ والانفتاحِ والشِّدَّةِ. وتقدَّم الكلامُ على المعارجِ في الزخرف.