الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً } * { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً }

قوله: { جَزُوعاً }: و " مَنوعاً " فيهما ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنهما منصوبان على الحال من الضمير في " هلُوعا " وهو العاملُ فيهما، والتقدير: هَلُوعاً حالَ كونِه جَزُوعاً وقتَ مَسِّ الشرِّ، ومنوعاً وقتَ مسِّ الخيرِ. والظرفان معمولان لهاتَيْنِ الحالَيْنِ. وعَبَّر أبو البقاء عن هذا الوجهِ بعبارةٍ مُوْهِمَةٍ. وهو يريدُ ما ذكَرْتُه فقال: " جَزوعاً حالٌ أخرى، والعاملُ فيها هَلُوعا ". فقولُه: " أخرى " يُوهم أنها حالٌ ثانية وليسَتْ متداخِلَةً، لولا قولُه: " والعاملُ فيها هَلُوعا ". الثاني: أَنْ يكونا خبَرَيْن لـ كان ـ أو صار ـ مضمرةً، أي: إذا مَسَّه الشرُّ كان ـ أو صار ـ جزوعا، وإذا مَسَّه الخيرُ كان ـ أو صار ـ منوعاً قاله مكي. وعلى هذا فإذا شرطيةٌ، وعلى الأولِ ظرفٌ مَحْضٌ، العاملُ فيه ما بعدَه، كما تقدَّم. الثالث: أنهما نعتٌ لـ " هَلُوعا " قاله مكي. إلاَّ أنَّه قال: " وفيه بُعْدٌ؛ لأنك تَنْوي به التقديمَ قبل " إذا " انتهى. وهذا الاستبعادُ ليس بشيءٍ، فإنه غايةُ ما فيه تقديمُ الظرفِ على عاملِه، وإنما المحذورُ تقديمُ معمولِ النعتِ على المنعوتِ.