الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

والضمير في: { جِئْنَاهُمْ }: عائدٌ على مَنْ تقدَّم من الكفرة، والمراد بـ " كتاب " الجنس. وقيل: يعودُ على مَنْ عاصر النبي عليه الصلاة والسلام. والمراد بالكتاب القرآن. والباء في " بكتاب " للتعدية فقط. وقوله: " فَصَّلناه " صفةٌ لـ " كتاب " ، والمرادُ بتفصيله إيضاحُ الحقِّ من الباطل، أو تنزيله في فصولٍ مختلفةٍ كقوله:وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ } [الإِسراء: 106]. وقرأ الجحدري وابن محيصن بالضاد المعجمة أي: فضَّلْناه على غيرِه من الكتب السماوية. وقوله: " على عِلْم " حال: إمَّا من الفاعل أي: فَصَّلْناه عالمين بتفصيله، وإمَّا من المفعول أي: فصَّلْناه مشتملاً على علم. ونَكَّر " علم " تعظيماً.

وقوله: { هُدًى وَرَحْمَةً } الجمهورُ على النصب، وفيه وجهان، أحدهما: أنه مفعول من أجله أي: فصَّلناه لأجل الهداية والرحمة. والثاني: أنه حال: إمَّا من كتاب، وجاز ذلك لتخصصه بالوصف، وإمَّا من مفعول " فصَّلناه ". وقرأ زيد بن علي " هدىً ورحمةٍ " بالجر، وخرَّجه الكسائي والفراء على النعت لـ " كتاب " ، وفيه المذاهب المشهورة في نحو " [مررت] برجل عدل " ، وخرَّجه غيرهما على البدل منه. وقرأته فرقة " هدىً ورحمةٌ " بالرفع على إضمار المبتدأ. وقال مكي: " وأجاز الفراء والكسائي " هدى ورحمة " بالخفض، يجعلانه بدلاً من " علم " ، ويجوز هدى ورحمة على تقدير: هو هدى ورحمة " وكأنه لم يَطَّلع على أنهما قراءتان مَرْوِيَّتان حتى نسبهما على طريق الجواز. و " لقومٍ " صفة لرحمة وما عُطِفت عليه.