الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ يَابَنِيۤ ءَادَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

وقوله تعالى: { إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ }: قد تقدَّم نظيره في البقرة. و " منكم " صفةٌ لرسل، وكذلك " يَقُصُّون " وقُدِّم الجارُّ على الجملة لأنه أقربُ إلى المفردِ منها. وقوله " فَمَنْ " يُحتمل أن تكون " مَنْ " شرطيةً، وأن تكونَ موصولةً. فإن كان الأولَ كانت هي وجوابُها جواباً للشرطِ الأول، وهي مستقلةٌ بالجواب دون الجملة التي بعد جوابها، وهي " والذين كَذَّبوا " ، وإن كان الثاني كانت هي وجوابُها والجملة المشار إليها كلاهما جواباً للشرط، كأنه قَسَّم جوابَ قوله: " إمَّا يأتينَّكم " إلى مُتَّقٍ ومُكَذِّب وجزاء كل منهما. وقد تقدَّم تحقيقُ هذا في البقرة.

وحَذَفَ مفعولَيْ " اتَّقى وأصلحَ " اختصاراً للعِلْم بهما أي: اتَّقى ربَّه وأصلح عمله، أو اقتصاراً أي: فَمَنْ كان من أهل التقوى والصلاح، من غير نظرٍ إلى مفعول كقوله:وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ } [النجم: 48] ولكن لا بد من تقديرِ رابطٍ بين هذه الجملةِ وبين الجملةِ الشرطية، والتقدير: فَمَنْ اتَّقى منكم والذين كَذَّبوا منكم.

وقرأ أُبَيُّ والأعرجُ " تأتينَّكم " بتاء مثناة من فوق، نظراً إلى معنى جماعة الرسل، فيكونُ قوله تعالى: " يَقُصُّون " بالياء من تحت حَمْلاً على المعنى؛ إذ لو حُمل على اللفظ لقال: " تَقُصُّ " بالتأنيث أيضاً.